الشغف هو المحرك الأساسي لنا، هو الذي يعطينا الرغبة والقدرة والحماس على مواجهة الحياة والإحساس بمتعتها وتخطي مشاكلها، وهو السر وراء الشعور بالسعادة والسعي لها والحافز وراء العمل والاجتهاد
فماذا لو فقدنا هذا الركن الأساسي وهو فقدان الشغف؟
ماذا لو فقدنا هذه السعادة التي تعطينا الرغبة في العيش بأحلام وردية؟
فقدان الشغف من أصعب المراحل التي يمر بها أي شخص، لأنه ببساطة قبل أن يفقد شغفه في هوايته أو في أعماله فهو يفقد شغفه في نفسه، نعم كما قرأت يفقد شغفه في نفسه وما النفس إلا وقت؛ وقت محدد وسينتهي، سوف أتناول في هذا المقال عن فقدان الشغف والذي يأتي لبعض الأشخاص آسفة لأكثر الأشخاص الذين لديهم مهامات كثيرة في وقتٍ قليل، وفي أحيان أخرى قد يكون فقدان شعور الشغف والاهتمام حالة خاصة ومعزولة لا تتعلق بأي اضطراب نفسي، ويحدث نتيجة للتوتر الشديد وضغط العمل أو مشكلات الحياة المستمرة أو الشعور بالضياع في الأعمال والنشاطات التي تحاول ممارستها، ويمكن أن يكون فقدان الشغف والاهتمام في بعض الأحيان أحد أعراض الاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب واضطراب القلق والفصام
*ما هي مرحلة فقدان الشغف؟*
*_Passion Loss_*
هي مرحلة صعبة تشعر بها أنك مرهق ومتعب وبأنك غير قادر على إكمال الطريق والعمل على تحقيق حلمك فتبدأ حالة الفتور والملل وعدم القدرة على إعادة الحماس والاندفاع نحو الهدف وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت تشكل مصدر سعادة لك، هذا الإحساس يمر به كل شخص مرة على الأقل في حياته وهي مرحلة صعبة وخطيرة وتفاصيلها كثيرة وتسمى في علم النفس نقصان الدافعية، فقد الشغف ما هو إلا نتيجة لأسباب متراكمة تتجمع مع الوقت وتجعل الشخص غير مهتم بكل ما يحيط به ولا يوجد لديه أي دافع للاستمرار، فما الذي يحول الشخص من شحنة طاقة وعمل وإنجاز إلى شخص فاقد شغفه وغير قادر على الاستمرار في محاولاته؟ أو بطريقة أبسط ما هي أسباب فقدان الشغف؟
•الروتين الممل:
{عند القيام بنفس الروتين كل يوم وعمل الأشياء نفسها ورؤية الأشخاص نفسهم دون تغير فهو من أحد أهم الأسباب في فقدان الشغف والشعور بالملل وفقدان الحماس والدافع}
• المقارنة بشخصٍ آخر:
دعونا نقف هنا لوهلة نتأمل هذه الجملة، المقارنة مع شخص آخر من أكثر الأشياء مميتًا، المقارنة بأشخاصٍ آخرين ليست فقط تقتل شغفنا بل تقتلنا نحن ببطئ عندما ترى أشخاص ناجحون تبدأ المقارنة فهو أنجح منا بكثير، من منا سيصل إلا هذا المكان، فهو قد بدأ بعدنا بكثير وهو أكثر شخص ناجح ونحن لا، هذه كلها أقاويل تُقال عندما نرى أشخاص نجحوا في مجالهم وتبدأ النفس في التقليل من نفسها وشأنها وتبدأ تدريجيا في فقدان الشغف}
•إدراك أن الشيء الذي تسعى إليه لم يعد شغفك:
{قد تصل إلى مرحلة تدرك فيها أنك أخطأت في تحديد شغفك وأنك ترغب في الوصول إلى هدف آخر وهذا الشيء طبيعي فالنفس البشرية متقلبة، ولكن تقع المشكلة عندما تقطع مسافة طويلة في رحلتك الأولى وتفاجئ بأنه ليس هذا ما تبحث عنه الأمر الذي قد يتسبب في انطفاء رغبتك وشغفك في كل شيء}
• الشعور بالإرهاق:
{ قد يتعرض الشخص خلال محاولته الوصول إلى شغفه للعديد من الظروف الصعبة سواء الأسرية أو المهنية أو الدراسية أو الصحية أو العاطفية والتي تستهلك طاقته وترهقه وتقلل من حماسه وتقتل شغفه}
•عدم وجود هدف محدد وواضح
{عندما يكون هدفك غير محدد ستبدأ في التشويش وتفقد كل شيء ليس فقط الشغف}
•اليأس والإحباط:
{ينتج الإحباط عادة عن تكرار المحاولات الفاشلة والتي تقلل من ثقة الشخص بنفسه وتجعله يشعر بأنه إنسان فاشل لن يحقق شغفه مهما حاول أو قد ينتج عن ارتفاع سقف التوقعات حيث تكون التوقعات غير واقعية ومنطقية مما يسبب الشعور بالإحباط وفقدان الشغف}
√لفقدان الشغف علامات تظهر على الإنسان وهي تشبه إلى حد ما أعراض الاكتئاب ومن أهم العلامات التي تدل على الدخول في هذه المرحلة هي:
¶ القلق المستمر.
¶ التفكير بشكل تشاؤمي.
¶ عدم الرغبة بالقيام بشيء.
¶ الندم.
¶ الملل.
¶ الخلافات مع المحيطين.
¶ الأرق.
وقد قلنا منذ قليل أن فقدان الشغف يشبه إلى حد ما أعراض الاكتئاب
فما الفرق بين أعراض الاكتئاب والشغف؟
توجد الكثير من الأعراض المتشابهة بين الاكتئاب وفقدان الشغف وخاصة الرغبة في الانعزال والملل والتفكير التشاؤمي وتشتت الانتباه والأرق
وقد يكون فقدان الشغف عرضًا للاكتئاب، ففقدان الشغف والاكتئاب ليسا شيئًا واحدًا فهما يختلفان في الأسباب وطرق العلاج، ولكن يمكن أن يكون فقدان الشغف أحد أعراض الاكتئاب، وهو ليس اضطراب عقلي أو نفسي بل يعتبر الاكتئاب اضطراب نفسي أما فقدان الشغف هو مرحلة طبيعية يمر بها كل شخص في حياته نتيجة الظروف والضغوط والعقبات التي يواجهها في حياته ويمكن تداركها، وفي الحقيقة ولا أخفيكم سرًا أن فقدان الشغف أسوأ من الاكتئاب: فقد يكون الاكتئاب مصدر للإبداع في بعض الحالات، حيث يفجر الإلهام ويدفعه للتعبير عن هذا الاكتئاب بطرق إبداعية في الكتابة أو الشعر أو النحت والتعبير عن هذا الاضطراب بشكل فني، أما فقدان الشغف فهو انتحار فعلي حيث تشعر أنك فارغ من الداخل ومنطفئ غير قادر على التفكير وغير راغب في القيام بأي شيء بالإضافة لأن الاكتئاب حالة مؤقتة قابلة للعلاج بانتهاء مسببهِ أو أخذ جرعة تفاؤل أو تحسن الظروف
√ولنتحدث الآن عن الآثار النفسية لفقدان الشغف، أو ما هي الآثار النفسية لفقدان الشغف؟
•الحقد:
عندما يفقد الإنسان شغفه من الممكن أن يصبح حقودًا حيث يتمنى أن يفشل الجميع من حوله لكي يشعر بأنه ليس الفاشل الوحيد.
•التفكير بالانتحار:
عندما يكون فقدان الشغف ناتج عن الاكتئاب وعند تطور الحالة دون القيام بعلاجها فقد يؤدي ذلك أن يشعر الشخص في الرغبة بإنهاء حياته والتفكير بالانتحار وهو أخطر آثار فقدان الشغف الناتج عن الاكتئاب.
•عدم القدرة على اتخاذ قرار:
الشخص الذي فقد شغفه قد يجد صعوبة في اتخاذ القرارات في حياته وذلك لعدم ثقته بهذه القرارات إذا ما كانت صحيحة أم لا.
•لا مبالي:
من الممكن أن يتسبب فقدان الشغف في الشعور باللامبالاة تجاه أي شيء فلا يشعر بالسعادة أو الحزن أو الحماس أو الندم على أي شيء ويصبح مجردًا من المشاعر.
•الرغبة بالعزلة:
قد يصل الشخص الذي فقد شغفه إلى مرحلة يرغب فيها باعتزال العالم من حوله خوفًا من نظرة المجتمع له بأنه إنسان فاشل عجز عن تحقيق هدفه.
جئنا الآن إلى سؤال يتكرر بالتأكيد لدى الأشخاص الذين فقدوا شغفهم هو هل هناك علاج لفقدان هذا الشغف؟
نعم عزيزي القارئ هناك حل بالتأكيد وسأذكر لكم بعض من النصائح لحل فقدان الشغف ومن أهم هذه النصائح هي:
•القراءة في كتب تطوير الذات:
يمكن أن تساعد كتب تطوير الذات في الخروج من مرحلة فقدان الشغف واستعادة الثقة بالنفس كما أن لبعض الروايات أثر كبير في الدفع نحو السعي لتحقيق أحلامك، وخاصة ما يعطي التفاؤل منها [ ذكرت هذا أولا لأن القراءة مهمة جدا في هذه المرحلة ويعتبر هذه النصيحة من أهم النصائح]
• تنظيم مواعيد النوم:
إذا نظمت مواعيد نومك فقد قطعت شوطًا كبيرًا في تنظيم يومك وحياتك ومعرفة أكثر الساعات التي تكون فيها نشيطًا وقادرًا على الإنجاز والساعات التي تشعر فيها بالفتور فتقوم باستغلالها للترويح عن نفسك واستعادة نشاطك.
•كسر الروتين:
يمكن استعادة شغفك من خلال كسر الروتين اليومي الممل، حاول القيام بأشياء جديدة ومسلية والقيام ببعض المغامرات مع أشخاص مقربين ومرحين يمكن لذلك أن يعيد لك نشاطك وطاقتك لاستئناف رحلتك نحو أهدافك.
• تصالح مع نفسك:
إن توقفك عن الإنجاز وارتكابك بعض الأخطاء لا يعني أنك فاشل فتوقف عن لوم نفسك وحاول أن تتصالح معها وحارب من جديد للوصول إلى شغفك.
•اتخاذ خطوات صغيرة:
يمكن أن يكون الهدف الذي تسعى الوصول إليه صعب ويحتاج إلى وقت طويل لتحقيقه مما يسبب لك الشعور بالبرود والفتور وفقدان الشغف، ولكن يمكن علاج هذه المشكلة من خلال تقسيم الهدف إلى خطوات يتم العمل عليها بشكل يومي فذلك يقلل من الشعور بصعوبة الهدف ويساعدك في الخروج من حالة فقدان الشغف والعودة للإنجاز من جديد.
•استشارة طبيب نفسي:
إذا شعرت بأعراض خطيرة كالرغبة في الانتحار وإنهاء حياتك أو عزل نفسك أو أصبحت أكثر عصبية فهذه لا تعتبر من أعراض فقدان الشغف بل من أعراض الاكتئاب لذا ينصح باستشارة أخصائي نفسي لعلاج هذه الأعراض قبل أن تتفاقم
وقد نكتفي بهذا القدر مع فقدان الشغف.
تعليقات
إرسال تعليق